30 سنة

صحيفة الوسط البحرينية
العدد : 4856 | الأربعاء 23 ديسمبر 2015م الموافق 03 ذي الحجة 1441هـ
الفحص قبل الزواج كسر عادات لأجل جيل سليم
يعتبر الزواج حدثاً مهمّاً في حياة الفرد، فهو يعمل على بناء الأسرة ومن خلاله يدخل الفرد مرحلة جديدة في بناء العلاقات العاطفية والاجتماعية الأسرية والصحية ويضمن وقاية الطرفين والذرية من الأمراض الوراثية والمعدية لبناء أسرة سعيدة مستقرة تؤدي وظائفها بنجاح.
إن إصابة أحد أفراد الأسرة بأمراض وراثية أو معدية تؤدي إلى تعكر صفو الحياة والعديد من المشاكل النفسية والاجتماعية والاقتصادية ناهيك عن الاختلاطات الطبية وانعكاسها على المريض والأسرة والمجتمع.
العادات و التقاليد
لم يحظ فحص ما قبل الزواج في الأزمنه السالفة بالأهمية ذاتها التي يشغلها اليوم، إذ كان يقتضي العرف آنذاك أن يتوسط كبير عائلة الزوج لوالد الفتاة المقصودة لطلب يدها والارتباط بها، ثم يقرر الوالد نيابة عن ابنته (العروس) بالايجاب او الرفض فيما ندر، ويتم اخبار العروس بشان خطبتها غالبا يوم العقد، ومن دون إجراء طبي او فحص لمدى توافق الزوجين الجيني.
الفحص قبل الزواج
مع تقدم الزمن والتقدم التكنولوجي الحالي أصبح فحص ما قبل الزواج إجباريا يقتصر على فحص نسبة الهيموغلوبين في الدم وحجم كريات الدم الحمراء وفحص نسبة الحديد ونقاوة الدم مما يبين إن كانا كلاهما طبيعيين أو إن كانا يحملان صفات متنحية قد تنتج عن مرض وراثي مستقبلاً.
مؤيدو الفحص
سألنا الشاب يوسف الحداد (طالب في كليه تقنية المعلومات) عن الفحص قبل الزواج فقال: «انه من المؤيدين لأهمية قيام المقبلين على الزواج بإجراءات الفحص الطبِّي ليس للاطمئنان فقط، ولكن لتفادي أمراض مزمنة أو وراثية قد لا يكون لها علاج في المستقبل، فإجراء الفحص الطبّي ضرورة لا يمكن تجاهلها الآن حتى يثبت خلو الزوجين من أي مرض من الأمراض المزمنة، ولكن بعض العائلات والأسر في مجتمعنا البحريني – للأسف – يرى أن إجراء هذا الفحص يمثل فضيحة، ويجب عدم عمل ذلك لا قبل الزواج ولا بعده، وهناك الكثير من الحالات، وخاصة زواج الأقارب من الدرجة الأولى، نجد فيها حالات كثيرة لأطفال يحملون أمراضاً وراثية نتيجة إصابة أحد الأبوين بها، أو يحملون إعاقة معيّنة تتسبب في وجود أطفال مُعاقين ومصابين، يعانون طوال حياتهم من الإعاقة والمرض، ولا يكون هناك أدنى أمل حتى في الشفاء أو التقدّم في حالتهم الصحيّة».
وأفادت الشابة فاطمة جمعة، (ممرضة في أحد المستشفيات) بأن «الفحص قبل الزواج شيء جيّد، ونحن نرحّب بهذا القرار، ولا نعتبر أن فيه أي إساءة للشاب أو الفتاة».
وأضافت «قد تكون هناك معارضة من البعض في بداية تطبيق قرار إجراء الفحص؛ بسبب عادات وتقاليد المجتمع، لكن مع التوعية بخطورة الأمراض التي قد تنتقل إلى الأبناء فقد تكون هناك استجابة لإجراء الفحص ويجب أن تكون هناك حملات لتوعية الناس بأهمية الفحص وتوعيتهم بأن الفحص يقي أطفال المستقبل من انتشار الكثير من الأمراض وإنجاب أطفال غير أصحاء يعانون من المرض المزمن».
معاناة والدين
أما عباس خليل (والد لطفلة مصابة بفقر دم)، فقد قال بحرقة: تزوجت منذ أعوام بزوجة من العائلة ذاتها، ودون إجراء فحص طبي لجهلنا بأهميته وفي ذلك الوقت لم يكن اجباريّاً، ولم أكن أعلم أن إنجابنا لهذه الطفلة سيُمثل عبئا ثقيلا، إذ إنني أذهب مع والدتها أسبوعيا لنقل الدّم، بالإضافه إلى الأعراض الجانبية التي تشعر بها ابنتي بين الحين والآخر، ولهذا أنصح جميع الشباب والشابات المقدمين على الزواج بألاّ يستهينوا بفكرة الفحص، فإنجاب أطفال غير أصحاء ربّما يقلب حياتهم السعيدة رأسا على عقب، ويُحوّلها إلى شقاء وعناء».
استشارات ما قبل الزواج
وجود قسم الارشاد الاجتماعي والتثقيف أمر في غاية الأهمية، والتي تقيمها الكثير من الدول المتحضرة، والتي تعنى عناية فائقة بالشريكين قبل الإقدام على الزواج، فمثل هذه المراكز تهتم بتوعية وإعطاء المعرفة والإدراك لكل من الخطيبين، إذ يتم اخضاعهما للفحص، ما يعطي نوعا من الأمان والاطمئنان لمستقبل الزوجين.
هناك إرشادات نفسية موجهة تُعطى للشريكين قبل الزواج لمعرفة التوافق النفسي داخل إطار البيت الزوجي، ومن المعروف أن كلا من الخطيبين جاء من مناخ وبيئة وتربية وسلوك اعتاد عليه، ويختلف عن الشريك الآخر في كثير من الأوجه، ولهذا يأتي الإرشاد من الأخصائي النفسي ومدى التفاهم والثقة التي يجب أن تكون بينهما.
برامج التوعية
تم فحص 5039 طالباً وطالبة فى 38 مدرسة حكومية وخاصة على مدى 6 أشهر من الاعداد والفحص والتسجيل، وجد انه من بين 5029 طالباً هناك 52 شخصاً مصابين بمرض فقر الدم المنجلى وهذا عدد أقل من كل عام، إذ كان المتوقع وجود 60 إلى 70 طالبا مصابين كل عام بنسبة 1 في المئة. هذا العام كان منهم 20 طالبا الى جانب 32 طالبة اما الحاملون للمرض فكانوا 662 طالبا وطالبة، اي بنسبة 13 في المئة اما المرضى بمرض البيتا ثالاسيميا فكان طالباً واحداً فقط، أي بنسة 0.02 في المئة، اما الحاملون لمرض البيتا ثالاسيميا فهم 2.08 في المئة، ومن لديهم نقص فى الخميرة فنسبتهم 21 في المئة، وهو يعتبر نوعاً من الحساسية وليس مرضا وقد تم اعطاء عشرات المحاضرات التوعوية فى جميع المدارس، كما تسلم كل من تم فحصه بطاقة تعرفه بنوعية دمه.
ويطبق البرنامج هذا العام على العديد من المدارس الثانوية الحكومية والخاصة تشمل البنين والبنات؛ بهدف الاكتشاف المبكر لأمراض الدم الوراثية ورفع مستوى الوعي لدى المجتمع، وخصوصا جيل الشباب، ومساعدتهم على معرفة ما إذا كانوا يحملون الصفة الوراثية لأمراض ‘‹الأنيميا المنجلية›› و››الثلاسيميا›› ونقص الخميرة.
نتائج البرنامج
يعتبر هذا البرنامج متميزاً على مستوى المنطقة والعالم، فقد «توصلنا إلى تخفيض نسبة المواليد المرضى بأمراض الدم الوراثية بنسبة 75 في المئة، كما ساعد برنامج فحص الطلاب ودعم برنامج الفحص ما قبل الزواج، إذ يتعرف الشاب والشابة على نوعية دمهما قبل الموافقة على الزواج، بل وقبل التوجه لأخذ موعد لفحص الزواج، وهو ما يقلل العبء النفسي والاجتماعي الذي ينتج عن اكتشاف أن الطرفين يحملان المرض نفسه ومعرضان لإنجاب أطفال مرضى››. كما أن كل طالب يحصل مجانا على بطاقة تحدد نوع دمه، ويمكن استعمالها طول العمر، كلفتها في الطب الخاص لا تقل عن ثلاثين دينارا، وبمعرفة نتيجة الطالب تعرف الأسرة كلها ما إذا كان هناك احتمال لإصابة الأجيال القادمة من أفرادها، ومن ثم التخطيط لكيفية الوقاية››.
أقوال الطب
أكدت رئيسة قسم الوراثة بوزارة الصحة ورئيسة الجمعية الأهلية لأمراض الدم الوراثية شيخة العريض، قدرة الطب الجيني على اكتشاف الأمراض مبكراً، إذ يستطيع الطب الجيني المساعدة في التشخيص الدقيق للأمراض النادرة، والمساعدة في تفادي المرض عند الأطفال والكبار، كما يمكن الاكتشاف السريع والبدء في علاج أمراض حديثي الولادة، وأمراض السرطانات المختلفة، إضافة إلى الفحص الجيني المسحي للشخص عن الأمراض الوراثية».
و عن الفحوصات الوراثية ببينت أن الفحوصات الوراثية الجزيئية وتحليل الكروموسومات تعتبر أدوات تشخيصية ومؤشرات للكشف عن العديد من الأمراض. كما تساهم نتائج هذه الفحوصات في الوقاية ووصف العلاج المناسب في الوقت المناسب والمتابعة لحالة المريض.
إصرار وتجاهل
يُكابر الكثير من الشباب والشابات بإتمام الارتباط على رغم علمهم بالنتيجة التي لا تُؤيد الزواج، متجاهلين المخاطر التي من الممكن أن تقضي على سعادتهم مُبكراً، وخاصة مع ولادة ابن مصاب بمرض خطير، وهو ما يجعلهم يعيشون الألم، وربما «عضَّ» بعضهم أصابع الندم طول العمر، وخاصةً عندما يرى ابنه الصغير في حالة يُرثى لها، وهنا لابد من وجود قرارات حازمة وملزمة تكفل سلامة وسعادة الأسرة والمجتمع، وتمنع إتمام أي زواج يُثبت الفحص الطبي عدم مناسبته.
الحد من الأمراض الوراثية
قالت رئيسة قسم الوراثة بوزارة الصحة ورئيسة الجمعية الأهلية لأمراض الدم الوراثية شيخة العريض: إن «جمعية أمراض الدم الوراثية آلت على نفسها منذ انشائها مهمة نشر الوعي بالنسبة إلى أمراض الدم الوراثية المنتشرة في معظم الدول وخصوصاً في دول الشرق الأوسط، والتوعية بسبل الوقاية من هذه الأمراض المزمنة والحد من انتشارها لدى الأجيال القادمة، والقيام بدور مكمل لما تقدمه وزارة الصحة من خلال إقامة الندوات وإصدار الكتيبات والملصقات التثقيفية والوصول إلى أكبر شريحة من المجتمع البحريني الذي أصبح على درجة عالية من الوعي والإدراك للمفاهيم العلمية لأمراض الدم الوراثية وكذلك ضرورة إجراء الفحوصات المبكرة ولاسيما الفحص قبل الزواج الذي دعمته الجمعية منذ بدايته؛ للحد من انتشار تلك الأمراض والسيطرة عليها في المستقبل».
________________________________________
المصدر: صحيفة الوسط البحرينية
تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1060303.html